{عدد المشاهدات: 2٬298 }

ترجمة الإمام العلامة الشيخ سلامة العزامي

ترجمة الإمام العلامة الشيخ سلامة العزامي النقشبندي رحمه الله تعالى

بدايته ونشأته:

العارف بالله الشيخ سلامة هندي العَزَّامي الشَّافعي، من أشهر أقطاب الصوفية في مصر في العصر الحديث، وهو أحد علماء الأزهر الأفذاذ، كان فقيهاً محدِّثاً، قائماً بالإرشاد والدعوة إلي الله، أوتي ذكاء بالغاً، وعلماً واسعاً، وله صفات زكية باهرة .

k05

العلامة الشيخ سلامة العزامي النقشبندي رحمه الله


ولد رضي الله عنه عام (1298هـ)، وكان والده عميد عرب العزازمة من فروع قبيلة قضاعة العربية الشهيرة، أصيب بمرض الجدري صغيراً ففقد بصره، وقد عوضه الله عن ذلك فراسةً صادقة وبصيرة نافذة، فأتم حفظ القرآن الكريم بقليوب في فترة وجيزة، ثم تلقى القراءات فأجادها، ثم التحق بالأزهر الشريف، فظهرت عليه علامات النبوغ والذكاء .

الشيخ والطريق الصوفي:
تلقى الشيخ سلامة العزامي أول أمره الطريقة الخلوتية عن الشيخ أبي كامل، عن المصيلحي، عن الشنتناوي، عن الحفني، ثم تلقى الطريقة النقشبندية عن العارف بالله الشيخ محمد أمين الكردي عام (1324هـ) بسنده المعروف، فشمر عن ساعد الجد، وأقبل على الله بكليته، معرضاً عن الخلق، جامعاً بين الفكر والذكر وطلب العلم، وأدخله شيخه الخلوة ، ففتح الله عليه، ورأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مراراً، وللشيخ رحمه الله تاريخ روحي طويل .
وبعد انتقال شيخه أصبح شيخاً للطريقة النقشبندية، وكان في الرابعة والثلاثين من عمره، فظل يرشد الخلق إلي طريق الحق (44) عاماً إلى أن قضى نحبه، خير خلف لخير سلف، وفياً لشيخه الكردي، متعهداً لأسرته بالبر والرعاية، وكان لابن شيخه الأكبر (الشيخ نجم الدين) أوفر نصيب، فتولى تربيته ، ودرَّس له العلوم الشرعية والتصوف.
وقد اشتهر عن العارف بالله سلامة العزامي الكثير من الكرامات، وكان له مع مشايخ عصره صحبة ومودات وتبادل للعهد والأسانيد، ومنهم شيخنا العارف بالله الإمام إبراهيم الخليل بن علي الشاذلي والد إمامنا الرائد ، فقد كان بينهما مودة بالغة وأخوة في الله وتبادل للعهد، ودامت الصلة مع شيخنا الإمام محمد زكي إبراهيم، وقد استمرت هذه المودة مع أولاد الشيخ العزامي وذريته من بعده، رضي الله عن الجميع .

شيوخه وتدريسه في الأزهر:
تلقى الشيخ العزامي العلم على عدد من أكابر علماء وقته ، منهم الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر، والشيخ الجرواني، والشيخ محمد السمالوطي، والشيخ أبو فراج الشافعي.
ولما تخرج ونال العالمية الأزهرية بتفوق عام (1328-1329 هـ)، جلس للتدريس في الأزهر الشريف تطوعاً وحسبة، بعد رفضه الراتب والوظيفة، وكان مما درَّسَه لطلابه الصحيحين، والعقائد النسفية، والسعد، والشفا للقاضي عياض، ومنهاج العابدين، وغيرها. واستمر في التدريس إلى أن رأى أن يتحول إلى الريف فأكمل المسيرة، وبنى المساجد وعمرها .

مؤلفاته العلمية وذيوعها:
وللشيخ سلامة العزامي مؤلفات جليلة تشهد بعلو باعه، وسعة اطلاعه، وقد كتب الله لها الذيوع والانتشار، منها: كتابه (فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان) طبع عام (1358هـ)، وكتابه (براهين الكتاب والسنة الناطقة بوقوع الطلقات الثلاث منجزة أو معلقة)، وكتابه (البراهين الساطعة في الرد على بعض البدع الشائعة)، وقد طبعا معاً عام (1366هـ)، وقَدَّم لهذا الكتاب العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري بمقدمة جليلة، وفي آخره كلمة للشيخ نجم الدين الكردي.
وقد كان الشيخ رحمه الله شديداً على أهل البدع والباطنية.

حجه وزيارته للقدس:
أدَّى فريضة الحج عام (1339هـ)، وقد أحصر النَّاس في هذا العام عن زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعزَّ ذلك على الشيخ جداً، فلمَّا كان بجدَّة رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد جاء يزوره. وفي عام (1355هـ) حجَّ للمرة الثانية، وكان بصحبته الشيخ نجم الدين الكردي، وزارا سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، وله في هذه الزيارة قصيدة ، منها :

 

بنفسي ساعة واجهتُ فيها
رسـول الله إبـان الوداع
حباني نفحة أحيت فؤادي
وأمتعني بنـور مستـطاع
وما مثلي لذا أهـلاً ولكن
مكارم سيدي ذات اتساع


ثم زار المسجد الأقصى، وقبر الخليل ومشاهد الأولياء بأرض فلسطين، وقرأ درساً دينياً موضوعه (لا تقوم الساعة حتى يقاتل العرب اليهود ثم تكون الغلبة للعرب)، وقد سمعه منه مفتي فلسطين السيد أمين الحسيني وأمر بطبعه .

حجته الأخيرة ووفاته:
وفي عام (1375هـ) حج مرة ثالثة، وعاد من حجه في الثاني من شهر المحرم عام (1376 هـ)، فمكث عشرة أيام زار فيها أهله وعشيرته، وألقى في عاشوراء آخر دروسه، ثم ما لبث أن توفاه الله قبيل ظهر يوم الأحد الثاني عشر من شهر المحرم عام (1376 هـ)، وسمع ينطق لفظ الجلالة (الله)، وكان قد بدأ يومه بسماع فصول من السيرة النبوية لابن هشام من ابنه .
وقد خلفه علي الطريق العارف بالله العالم الجليل الشيخ نجم الدين الكردي ، رضي الله عنهما وعن جميع الأولياء والصالحين .
===============
انظر للاستزادة:
– ترجمة الشيخ العزامي في آخر كتابه (البراهين)، وانظر ترجمته في كتاب (التراث الروحي للتصوف الإسلامي في مصر) للعلامة الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
وقد ظُلِم الشيخ سلامة العَزَّامي فلم يترجمه الزركلي صاحب الأعلام كما أغفله غيره ، وما مثله من تسقط ترجمته سهواً أو خطأً.
– نشرت هذه الترجمة في مجلة المسلم – عدد رجب وشعبان – 1424هـ/2003م.
===============
وكتبه: محيي الدين حسين يوسف الإسنوي

تعليقات Facebook