{عدد المشاهدات: 1٬349 }

صلاة الاستخارة: شيء من أحكامها وفقهها

كثير منا يُصلى "صلاة الاستخارة" .. ويجعل نتيجتها تتوقف على أن يرى رؤيا توجهه .. فما حقيقة ذلك، وما هى صلاة الاستخارة وكيفيتها ودعاءها؟

صلاة الاستخارة

شيء من أحكامها وفقهها

لفضيلة الدكتور محمد حسني زغلة

 

المسلم : رسالة الوعي الإسلامي

            د. محمد حسني زغلة


كثير منا يُصلى “صلاة الاستخارة” ..

ويجعل نتيجتها تتوقف على أن يرى رؤيا توجهه .. فما حقيقة ذلك، وما هى صلاة الاستخارة وكيفيتها ودعاءها؟

يقول شيخنا فضيلة الإمام الرائد محمد زكى إبراهيم رحمه الله ورضي عنه:

* كان سيدنا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يعلم أصحابه الاستخارة فى الأمور كلها.. وإذا أراد أمرًا قال: “اللهم خِر لى، واختر لى“.

* كان سيدنا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يقول: “من سعادة ابن آدم استخارته لله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله عزَّ وجلَّ“.

* صلاة الاستخارة.. هى صلاة مستحبة عند الجمهور. ركعتين يُصليهما سُنة نافلة بنية الاستخارة..

* جواز أن تكون صلاة الاستخارة في المرة الواحدة بأكثر من ركعتين بتسليمة واحدة.

* يًفضل صلاتها قبل النوم مباشرة فقد تصادفه رؤيا صادقة، وهى جزء من النبوة..

* ويقرأ في الركعتين بما شاء من القرآن، واختار بعضهم اجتهادًا أن يُقرأ فيهما:

(1) سورة يس، نصفها فى الركعة الأولى، ونصف فى الثانية.

(2) أو سورة الكافرون والإخلاص.

(3) اختار شيخنا الإمام إبراهيم الخليل والد شيخنا الإمام الرائد (آية الكرسى وأواخر سورة البقرة) لما ورد فيهما من فضل.

(4) وقد اختار بعضهم: فى الركعة الأولى: آية: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ .

وفى الركعة الثانية: آية: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.

* دعاؤها:

يدعو بعد الصَّلاة وهو على جلستها مستقبلًا القبلة، مستحضرًا حاجته إلى الله الدعاء الآتى:المسلم : رسالة الوعي الإسلامي

اللهم إِنى أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإِنَّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب.

اللهم إِن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويجوز أن يسمى حاجته أو يكتفى بنيته والله أعلم بها) خير لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى– وعاجل أمرى وآجله – فاقدره لى، ويسره لى، ثم بارك لى فيه..

وإِن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر شرٌّ لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى – وعاجل أمرى وآجله – فاصرفه عنى، واصرفنى عنه، واقدُر لى الخير حيث كان ثم ارضنى به“.

* يجوز تكرار هذا الدعاء فى هذه الجلسة، فإنَّ سيدنا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كان يحب تثليث الدعاء، حتى إذا انشرح صدره مضى على اسم الله وبركته.

* أباح شيوخنا تكرار عمل الاستخارة إلى ثلاث مرات فى ثلاث ليال بل إلى سبع مرات.

* إذا رأى فى نومه رؤيا صادقة فبها ونعمت. فإن لم ير شيئًا بعد الاستخارة فلا بأس، فإنَّ الرؤيا ليست شرطًا فى الاستخارة، ولا تتوقف عليها، بل ينظر إلى ما شرح الله تعالى به صدره ويسره له فذلك هو المعتمد.

* وقد تكون الرؤيا التى يراها – بعد هذه الصَّلاة – من موجهاته إلى تدبير الله واختياره، وعلينا ممارسة الأسباب الكونية مع الاستخارة، وما قدر يكون، فإن لم يستطع الصلاة فلا أقل من أن يدعو الله بدعاء الاستخارة، مستحضرًا آداب الدعاء وشروطه، تاركًا اختياره إلى اختيار الله.

* ينبغى للمستخير أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، بل ينبغى ترك اختياره رأسًا، وإلا فلا يكون مستخيرًا، وقال: فإذا صدق فى ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.

* قال سيدنا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يا أنس! إِذا هممت بأمر، فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إِلى الذى يسبق إِلى قلبك فإِنَّ الخير فيه. رواه ابن السنى في “عمل اليوم والليلة”. 

* وقد لبَّس الشيطان على قوم فتراهم إذا استخاروا الله تعالى توقفوا وعطلوا أعمالهم حتى يروا رؤيا، فإن لم يروا شيئًا دخلهم الشك والجزع، وقد يرى أحدهم ما يحسبه رؤيا من الله، وما هو إلا من حديث النفس وانشغالها بما أهمها، وربما كان حلمًا من الشيطان ليخوفه ويحزنه. لذلك على الإنسان أن يترك اختياره كليًا، ويرضى بما قضى الله له، وينظر ما ينشرح له صدره ويتيسر له، ويباشر مع الاستخارة الأسباب من نحو استشارة أولى العقل والنهى وأهل الفضل، أو دراسة الجدوى فى الأعمال التجارية، أو السؤال عن الأخلاق والدين والأصل الطيب فى الزواج ونحو ذلك، وإنَّه لا يكون إلا ما أراد الله عزَّ وجلَّ.

* الجمع بين (الاستخارة من الله) و(الاستشارة من النَّاس) من تمام الجمع بين طرفى السُّنَّة..

* تقديم الاستخارة على الاستشارة أفضل، لما فى كتمان الحوائج من النجاح، فإذا استخار الله يُستحب له بعد ذلك الاستشارة، قال الله تعالى:﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾، وقال الإمام على كرم الله وجهه: “ومن شاور الرجال شاركها فى عقولها”. وقال سيدنا قتادة: “ما شاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم”. و”ما خاب من استخار، وما ندم من استشار، ولا عال من اقتصد”.

تعليقات Facebook